جلست بجانب تفاحة عين زوجتي العزيزة وسألتها كم بقي من الوقت ليعود ابننا من الرحلة ، فقالت: لماذا تسأل وأنت تعلم؟ قلت لها حتى قلت له: “رأيت أراض وناس وأرض فارغة”. صدمني هذا الخبر ، ليس بسبب رحيل أول مهاجرين جزائريين ، لكنني وافقت على ما قلته لزوجتي وبخبر كان رحيل رشيد طاحي يضاهي كأن قلبي أرادني أن أتذكره في تلك اللحظة وكانت لحظة فراق عانت قلوبنا من مرارة الهجرة والتهميش والإقصاء والشوق إلى حنين وطنه الجزائر. لم يكن فنانًا عاديًا ، لم يضحك ولم تكن لديه وسائل الراحة مثل أقرانه. لم ييأس حتى أنشأ فرقة صغيرة تسمى “بطاقة الإقامة” وكرس نفسه للغناء. النوادي الصغيرة حتى بدأت رحلة الألف ميل ، وبطابع الشرق والغرب وتفرد ذلك اللون الذي لا يحبه أحد ، ارتفعت شهرته في التسعينيات بعد أن أصدر ثلاثة ألبومات “Ole Ole” و “Diwan” و “Made in the City”. في نهاية التسعينيات انضم إلى الشاب خالد ونظم عدة حفلات حققت نجاحًا كبيرًا. وأصدرت أمريكا والعالم العربي ألبوم “صنز” من ثلاث نسخ تضمن أغاني من هذه الحفلات. وفاز بلقب “الشخص الجزائري المفضل” لمدة ثماني سنوات متتالية. كانت شهرته عام 1983 بعد أن قدم العديد من الحفلات التي لاقت رواجًا بين المهاجرين في فرنسا مما ساعد على انتشارها. بشكل غير مسبوق واليوم نقول له وداعا بحرق جثمانه بعد وفاته إثر نوبة قلبية في باريس حيث غادر وعاد ليودعها. نعلم أن هذا المسافر لن يعود إلينا كالمعتاد ، فقد مات بهدوء وحياة قصيرة وفن جميل ، ونامت عيناه بغربة وحيدة ولم يمنحنا الوقت لنقول وداعا.
شرارة
أيها الغائب في أرض الرجال لن تدرك ما يجري
معك ، انتهى عهد القوة وأنت لا تعرف ذلك